القلق جزء طبيعي من حياتنا. يظهر في لحظات التوتر وعند مواجهة شيء جديد وغير مألوف. يمكن أن يظهر القلق على شكل مشاعر خفيفة من عدم الارتياح إلى ضيق شديد—صعوبة في التنفس، وتسارع ضربات القلب، ونوبات قلق.
من الطبيعي الشعور بالتوتر والقلق عند مواجهة التحديات، ولكن لدى بعضنا، يضرب القلق بشكل متكرر وشديد ويحتاج إلى معالجة. وماذا تفعلين عندما تشعرين بالقلق فقط قبل دورتك بأيام أو أسبوع؟ قد يكون ذلك إشارة إلى اختلال التوازن الهرموني أو مشاكل في الصحة الإنجابية.
القلق جزء طبيعي من حياتنا كبشر. هناك العديد من الأمور التي قد تسبب لنا التوتر—في العمل، في حياتنا الشخصية، أو عند التعامل مع القضايا الاجتماعية. يظهر القلق على شكل مشاعر عدم الارتياح، والخوف، وكثرة التفكير، والأفكار الوسواسية. ويمكن أن يظهر أيضاً بأعراض جسدية مثل الارتعاش، تعرق اليدين، تسارع ضربات القلب، ضحالة التنفس، الغثيان، والدوخة.
القلق يختلف من خفيف إلى شديد. القلق الخفيف هو رد فعل طبيعي للضغوطات مثل المواقف الخطرة أو غير المألوفة. أما القلق الشديد أو اضطراب القلق، فقد يؤثر على المرأة إلى درجة صعوبة أداء الأنشطة اليومية والتواصل الاجتماعي. عندما تتعاملين مع القلق، تصبحين أكثر تهيجاً وعصبية وقد تعانين أيضاً من الاكتئاب. قد تتعرض المرأة المصابة بقلق شديد لنوبة قلق تتمثل في تسارع نبض القلب، صعوبة في التنفس، وشعور بالغثيان والدوار.
من الصعب أن تعيشي مع هذه الحالة. الكثير من النساء يتعاملن مع القلق عبر العلاج النفسي و/أو الأدوية.
ومع ذلك، أحياناً تعاني نساء ليس لديهن تاريخ من الصدمات أو الرهاب من فترات يشتد فيها القلق بشكل ملحوظ. في بعض الحالات، يمكن ربط ذلك بالتغيرات الهرمونية في الجسم والدورة الشهرية.
تستمر الدورة الشهرية عادةً لمدة ٢٨–٣٥ يوماً. خلال هذه الفترة، يستعد الجسم للحمل. ولكن إذا لم يحدث تلقيح خلال نافذة الخصوبة، يبدأ الرحم في التخلص من بطانته وتعود الدورة من جديد. مع أن معظم النساء يلاحظن الطمث فقط، إلا أن التقلبات الهرمونية التي تحدث طوال الشهر تؤثر على صحتهن الإنجابية والعامة.
فالهرمونات تعتبر محفزات لمختلف أنظمة الجسم. الهرمونات الأنثوية كالأستروجين والبروجستيرون تؤثر على البشرة والكبد والأعضاء الأخرى؛ على الأيض؛ والوظائف العصبية، ولهذا تعاني كثير من النساء من تغييرات في المزاج مرتبطة بالدورة. دعينا نستعرض التفاصيل.
تتكون الدورة الشهرية (أو دورة الإباضة) من ثلاث مراحل—المرحلة الجريبية (١٠ إلى ١٧ يوماً متضمنة الحيض)، مرحلة الإباضة (٢٤ إلى ٤٨ ساعة)، والمرحلة الأصفرية (حوالي ١٤ يوماً). كل مرحلة تنظمها هرمونات معينة تؤثر على جوانب من الدورة الإنجابية وتغيرات المزاج والطاقة. عادة ما نحدد بداية ونهاية الدورة الشهرية بفترة الحيض المرئية.
تبدأ المرحلة الجريبية في أول أيام الطمث، أي أيضاً اليوم الأول من الدورة الكاملة. يكون مستوى الأستروجين والبروجستيرون منخفضاً أثناء أيام الحيض (٤ إلى ٧ أيام). بعد انتهاء الطمث، يرتفع الأستروجين مما يجعلك تشعرين بأنك أكثر نشاطاً. وظيفة الأستروجين هنا هي تحفيز إفراز FSH (الهرمون المنبه للجريب)، الذي ينشط عدداً من الجريبات في المبيض لتنمية البويضات الموجودة فيها، وتتطور واحدة منها لتصبح المهيمنة. ومع وصول الأستروجين إلى ذروته، غالباً تشعرين بأنك اجتماعية، ومرحة، وجذابة.
تحدث مرحلة الإباضة في منتصف الدورة بعد ذروة الأستروجين الذي يحفز زيادة مفاجئة في LH (الهرمون اللوتيني)، فيؤدي ذلك إلى إخراج البويضة من الجريب المهيمن إلى قناة فالوب، حيث يمكن أن تُخصب من قبل الحيوان المنوي إن وجد. يبقى الحيوان المنوي صالحاً لمدة تصل إلى ثلاثة أيام والبويضة ليوم واحد فقط. لذلك تعتبر الأيام السابقة للإباضة هي الأكثر خصوبة للمرأة. تُستخدم العديد من المؤشرات للتنبؤ بالإباضة. تعرفي على المزيد في مقالنا كيف تؤثر الهرمونات عليكِ خلال دورتكِ؟
من وظائف الأستروجين أيضاً تعزيز نمو بطانة الرحم. بعد الإباضة تبدأ المرحلة الأصفرية. ينخفض الأستروجين ويصبح البروجستيرون هو المسيطر. وظيفته الحفاظ على بطانة الرحم لاحتمالية انغراس البويضة المخصبة. الجسم الأصفر أو بقايا الجريب الذي أفرز البويضة هو المسؤول عن تحفيز إفراز البروجستيرون. تبلغ مستويات هذا الهرمون الحد الأعلى بعد أسبوع تقريباً من الإباضة، وهو الوقت الذي يمكن فيه انغراس البويضة في جدار الرحم إذا تم تخصيبها. إذا لم يحدث الإخصاب، يُعاد امتصاص الجسم الأصفر في الجسم، ينخفض البروجستيرون، ثم تنسلخ بطانة الرحم في شكل دم الحيض ويستعد الجسم لدورة جديدة. كثير من النساء يعانين من تغيرات مزاجية خفيفة إلى متوسطة خلال المرحلة الأصفرية، من بينها القلق، والتهيج، والاكتئاب.
القلق الناجم عن الهرمونات يظهر غالباً في نهاية الدورة، قبل الطمث بأسبوع أو أسبوعين عادةً. غالباً ما يصاحبه أعراض أخرى لمتلازمة ما قبل الدورة الشهرية (PMS) أو لدى ٥٪ تقريباً من النساء اضطراب مزاجي قبل الطمث (PMDD) مثل الانتفاخ، الصداع، التهيج، تقلبات المزاج، الأرق، التعب، ألم أو انتفاخ الثدي، إمساك أو إسهال. اضطراب PMDD أكثر شدة من PMS وقد يعيق حياتك اليومية.
هناك حالة أخرى تدعى تفاقم ما قبل الطمث (PME). تشبه PMDD، ولكنها تظهر من خلال تفاقم الاضطرابات النفسية مثل القلق، الاكتئاب، الأكل الانفعالي.
ورغم أن السبب الدقيق لتفاقم الحالات النفسية لدى بعض النساء في المرحلة الأصفرية غير معروف، يعتقد أن لهذا علاقة بمستوى البروجستيرون.
يُسمى البروجستيرون غالباً هرمون الحمل لأنه يصبح مسيطراً عند حدوث الحمل. لكن فائدته تتعدى ذلك، فهو يؤثر إيجابياً على الوظائف العصبية والأيض. بخلاف الأستروجين، من الصعب جداً الحصول على البروجستيرون من مصادر خارجية—المصدر الرئيسي له هو أن يفرزه جسمك بنفسه.
نزول الدم الشهري لا يعني بالضرورة أن جسمك ينتج كفاية من البروجستيرون. الهدف الأساسي من الدورة الشهرية هو الإباضة. إذا لم تتوفر الموارد الكافية في الجسم لخلق بيئة صحية للإباضة، فلن يتم إنتاج البروجستيرون؛ مما قد يزيد أعراض PMS أو PMDD. النساء اللاتي لديهن سيطرة للأستروجين وانخفاض في البروجستيرون عرضة لأعراض PMS قوية، دورات غزيرة، أورام ليفية، صداع هرموني، تغيرات في المزاج، قلق واكتئاب.
حتى لو حصلت الإباضة، قد لا ينتج الجسم كمية كافية من البروجستيرون طوال الدورة. يمكن قياس مستوى الهرمونات عبر الدم (عادة في المختبر)، اللعاب أو البول (وتتوفر اختبارات منزلية). أفضل وقت لفحص مستوى البروجستيرون هو بعد الإباضة مباشرة.
غالباً ما يكون القلق نتيجة لصدمات أو للرهاب أو بيئة معيشية عدائية. التقلبات الهرمونية قد تزيد من حدة الأعراض لكنها ليست السبب الأساسي غالباً. إذا كان سبب القلق هو صدمة، يجب استشارة مختص لتحديد العلاج الأفضل. لكن إذا كنتِ تشعرين بحالة جيدة أغلب الدورة وتفاقمت الأعراض في نهايتها، فقد تكون الهرمونات هي السبب.
عادةً ما تصاحب الأعراض النفسية للمرحلة الأصفرية أعراض جسدية (تقلصات، ألم في البطن، انتفاخ أو ألم الثدي، صداع، حب الشباب، تعب، ومشاكل في الهضم)، مما يسهل تحديد السبب. في جميع الحالات، فحص مستوى الهرمونات سيعطيكِ المعلومات اللازمة للتوازن. ويمكنك دعم العلاج الذي تختارينه بعادات يومية تقلل التوتر وتجهز الجسم للإباضة.
أحد الأسباب الرئيسية لاختلال التوازن الهرموني المتبوع باضطرابات نفسية هو الإجهاد البدني أو النفسي. في الوقت الحالي أصبحنا أكثر وعياً بالمحفزات والصدمات النفسية، لكن أحياناً يصعب الانتباه إلى الإجهاد الجسدي.
بعض النساء يعشن سنوات بدون الانتباه لأعراض إجهاد الجسد حتى تبدأ مشاكل مثل تساقط الشعر، دورات غير منتظمة أو منقطعة، أو تسارع علامات التقدم في العمر، أو حتى تطور اضطرابات نفسية أو أمراض مناعية. كثير من النساء يعانين من القلق بسبب ضغوط بدنية مثل التمارين الشاقة، الحميات القاسية، وقلة النوم، وقيود أخرى. لكن هناك طرق لتقليل التوتر من خلال تغييرات بسيطة في نمط الحياة.
النوم الجيد ضروري لصحتنا. أجسامنا تتعافى من صدمات اليوم الصغيرة وتستعيد نشاطها؛ ما يعني تحسن الشفاء وتقليل القلق. أغلب الناس بحاجة إلى حوالي ٨ ساعات من النوم المتواصل كل ليلة لأفضل أداء. وإذا لم تنالي قسطك الكافي من النوم لأي سبب، يمكن أن يكون القيلولة تعويضاً مناسباً.
الرياضة تزيد من التوتر بشكل عام. سر نجاح التمارين هو أخذ فترات راحة بين الأنشطة لتنظيم النفس وضربات القلب. لا ينصح بممارسة تمارين الكارديو الثقيلة لمدة تزيد عن ٣٠–٤٠ دقيقة عدة مرات في الأسبوع لأنها تزيد من هرمون الكورتيزول (هرمون التوتر) وقد تعيق إنتاج الهرمونات. كثير من الأطباء ينصحن بعدم ممارسة الرياضة الشاقة أثناء المرحلة الأصفرية. التمارين المعتدلة مثل المشي، اليوغا، أو البيلاتس تقلل التوتر وتنشط الدورة الدموية لأعضائكِ التناسلية.
عمليات الجسم خلال كل مرحلة من مراحل الدورة الشهرية تتطلب الطاقة، المعادن، والفيتامينات اللازمة. عند حرمان الجسم من الغذاء نعرضه لضغط إضافي ونفقد عناصر غذائية هامة. النظام الغذائي الطازج والمتنوع والغني بالمغذيات يعطي الجسم ما يحتاجه ليشعر بالراحة والأداء الجيد. تجنبي الحميات القاسية خاصة في المرحلة الأصفرية. وبدلاً من ذلك، اتبعي نمط وجبات صغيرة متعددة غنية بالبروتين، الكربوهيدرات، والدهون.
التأمل، تمارين التنفس، والحمام الدافئ في نهاية اليوم تساعدكِ على التخلص من التوتر والتركيز في اللحظة الحالية. اسمحي لنفسكِ بالاسترخاء من وقت لآخر. جسمكِ سيشكركِ على ذلك. تقنيات الاسترخاء مفيدة خاصة في النصف الثاني من الدورة حيث يكون الجسم أكثر حساسية للتوتر. حتى الدقائق القليلة من الوعي الذهني يومياً كافية لتشعري بمزيد من التوازن.
البشر مخلوقات نهارية—تكون أجسامنا في أفضل حالاتها عندما نقضي بعض الوقت تحت أشعة الشمس والنور التي نحتاجها. أعطي جسمكِ ما يحتاجه بخروجك للمشي نهاراً. ٣٠ دقيقة على الأقل من التعرض للشمس تزيد من السيروتونين (هرمون توازن المزاج ودعم الجهاز العصبي) وتعزز إنتاج فيتامين D (المسؤول عن الوظائف العصبية).
تجربة المرأة خلال دورتها الشهرية تعكس حالتها الصحية العامة. إذا كنتِ تعانين من القلق أو أعراض نفسية أخرى، قد يكون السبب خلل في التوازن الهرموني. ادعمي جسمكِ خلال الدورة وستلاحظين تحسناً في صحتكِ الجسدية والنفسية.
يمكنكِ تتبع دورتك باستخدام WomanLog. حمّلي التطبيق الآن: